|


أحمد الحامد⁩
القديم الجديد
2024-03-29
غريب جدًا أن المواضيع الضعيفة ما زالت تحصد المشاهدات الأكثر، بعض المواقع الإلكترونية رغم أقدميتها ما زالت تكتب عناوين عن فستان الممثلة الجريء، وعن لوك المغنية الجديد. كنت أعتقد بأن مثل هذه المواضيع ستختفي مع الوقت، لأنها أساليب جذب قديمة، أقدم من الأهرامات، لكنها زادت، كنت مخطئًا، ولا أعرف تفسيرًا لأن يكون خبر انفصال فنانة عن زوجها هو الأكثر قراءة، وتراجعهما عن الانفصال هو الأكثر قراءة، والتعليقات على الخبر هي الأكثر في التعليقات، فلانة تقول: «اتركيه ما بيستاهلك»، وأخرى تقول بعد عودة الفنانة لزوجها: «لابئين لبعض.. أوعوا تنفصلوا مره تانية!» حتى على اليوتيوب يحصد المحتوى الضعيف المشاهدات الأكثر، فيديو لصاحبة قناة وهي تصبغ شعرها باللون الأحمر أمام المشاهدين، ما هو الجديد في أن تصبغ فتاة شعرها باللون الأحمر! النساء عددهن 4 مليارات، وكل يوم تصبغ آلاف النساء شعورهن بالأحمر والأخضر! فيديوهات حصدت ملايين المشاهدات لعائلة يوتيوبية يعرضون فيها يومياتهم، فيديوهاتهم عبارة عن مقالب، يضع الولد السكر على الطعام بينما الأم بعيدة عن المطبخ، تتفاجأ الأم بمذاق طبختها الغريب، تشك بابنها، تطارده وهي تشتمه وهو يضحك، حصد هذا الفيديو أكثر من 3 ملايين مشاهدة في أسابيع، ربما عدد مثل هذه القنوات اليوتيوبية بالآلاف، والعديد منها يحقق مشاهدات مليونية. لا أقول بأن الفيديوهات والمواضيع الضعيفة لا تستحق القراءة أو المشاهدة، الناس يميلون نحو ما يفضلون، لكن رواج هذا الضعف مؤشر أن نسبة كبيرة من المشاهدين والقراء هم أيضًا لديهم ضعف فني، يتفرع منه ضعف الفكر والمعرفة والذوق، هؤلاء هم جمهور هذه الفيديوهات الخالية من الفن والإبداع، وحصولها على النسبة الأكبر من المشاهدات مؤشر على أن أصحاب الذوق الفني المنخفض يمثلون الشريحة الأكبر عالميًا. يحكي أحد الزملاء العرب من معدي البرامج المنوعة أن مسؤول البرنامج في القناة التي عمل فيها كان يطالبه بتتفيه الإعداد، كان يقول: كل ما تفّهت الموضوع كل ما شافوه أكتر.. لونك اللي بتحبوا بيحدد شخصيتك، برجك بيدل على طبعك، لون عيونك بيحدد حجم ذكائك! أذكر أني «تفّهت» مسؤول البرامج ذاك بعد سماعي لما نقله زميلي العربي عنه، لكنني اليوم أعتبره خبيرًا، بل خبيرًا كبيرًا.
* كلود ليفي: الشخص الحكيم ليس الذي يعطي الإجابات الصحيحة، بل الذي يسأل الأسئلة الصحيحة.